المنامة - علي ربيعتعاني بطولة البحرين لكرة القدم من عزوف جماهيري عن متابعة منافساتها في الموسم الحالي، وأصبحت مدرجات الملاعب البحرينية شبه خالية من أنصار كرة القدم الذين باتوا لا يطربون لمنافسات البطولة المحلية مقابل الانصراف نحو متابعات مباريات الكرة، التي تقام خارج الحدود.
ولن تفاجأ إذا ما صرخت ووجدت ارتدادا لصوتك وأنت تجلس في استاد البحرين الوطني خلال مشاهدتك لإحدى مباريات الدوري المحلي لكرة القدم، أو قد يسوقك القدر إلى مقعد متسخ لم يجلس عليه أحد منذ شهور عديدة.
وعادة لا يحضر سوى بضع مئات، وأحياناً بضع عشرات، معظم المباريات في الدوري، الذي يفتقر إلى الحضور الجماهيري، رغم أن أسعار الدخول كانت مجانية في الموسم الماضي. وبدأ العزوف الجماهيري يشكل هاجسا لدى عديد من المهتمين بهذه الرياضة في البحرين.
وتحظى بعض المباريات مثل لقاءات المحرق والأهلي، أو المحرق والرفاع بحضور جماهيري مختلف، لكنه لا يزيد في أحسن الأحوال عن ستة آلاف في الملعب، الذي يتسع لخمسة وثلاثين ألف مشجع.
ولعل من الغرابة أن بعض روابط الأندية الكبيرة في البحرين تحترف التشجيع في الخارج، إذ سبق أن شاركت قيادات هذه الروابط في تشجيع الأندية القطرية بمقابل مادي.
مطالبات بتدخل الدولةيعتبر مختصون أن الدولة تتحمل بعض المسؤولية عن عزوف الجماهير لعدم دعمها للأندية. يقول الصحافي فيصل هيات لـ"العربية نت" إن الأندية البحرينية "تعاني وهي غير قادرة على التعاقد مع محترفين مثلما يحصل في بقية دول الخليج".
ويقول مدرب البسيتين عزيز أمين، إن على الدولة أن تأخذ قرارا بدعم الأندية لخلق منافسة حقيقية، مطالبا في الوقت ذاته بالبدء "بخطة إنقاذ تستمر لعدة سنوات من أجل ضمان عودة المنافسة الحقيقية إلى الدوري البحريني".
ويعتقد المدرب "أمين" أن نقل المباريات والبطولات من مختلف دول العالم، أثر بشكل كبير على الحضور الجماهيري. ويرى مدرب فريق البسيتين أن بناء المجمعات والمطاعم سرق بعض الجماهير التي "لم تكن تجد لها متنفسا في السابق سوى الملعب".
ويقدم "هيات" أسبابا أخرى ساهمت بشكل كبير في عزوف الجماهير. يقول الصحافي البحريني" لقد تغيرت معادلة الدوري وصارت المنافسة مقتصرة على فريق واحد في السنوات الأخيرة الأمر الذي يصيب الجماهير بالملل".
وتمكن المحرق من الفوز بالدوري خمس مرات في السنوات السبع الأخيرة، وهو يحلق بصدارة المسابقة هذا الموسم بعد سبع جولات وبفارق خمس نقاط عن أقرب منافسيه بعد فوزه بست مباريات وتعادله في واحدة.
وشهدت مباراة القمة التي جمعت فريقي المحرق والأهلي وانتهت بالتعادل بهدف مقابل هدف يوم الاثنين الماضي حضور ما يزيد عن خمسة آلاف مشجع في أحسن الأحوال.
وبلهجة لا تخلو من الحسرة، يعلق مازن مطر أحد مشجعي النادي الأهلي قائلا: "لم أعد أذهب إلى لقاءات فريقي لأنه لا يقدم المستوى المطلوب (...) كنت لا أفوت مباراة واحدة، لكنني لن أحضر أي لقاء حتى يتحسن الوضع". وعلى النقيض يعتبر آخرون أن حضورهم "واجب حبا في النادي". يقول حمد الشملان الذي يشجع نادي المحرق"أحرص على حضور مباريات فريقي منذ سنوات مهما كان مستواه (...) أحب فريقي ودائما أتواجد في جميع المناسبات".
وفي محاولة منه لوضع حد للرتابة، خصص اتحاد كرة القدم ملعبين آخرين لخوض المباريات، حيث يستضيف ملعب نادي المحرق، وملعب النادي الأهلي بعض المباريات، لكن الفريقين أصحاب الملعب يحرمان من اللعب عليه لأفضلية الأرض، في مقابل بقية الأندية لا تمتلك ملاعب عشبية جاهزة لاستضافة المباريات.
ويعتبر الصحافي "هيات" أن عدم تطبيق نظام اللعب في داخل الملعب وفي ملعب الخصم لقلة الملاعب الصالحة ساهم في "انخفاض مستوى الدوري بشكل عام".
وحصل الاتحاد البحريني هذا الموسم على شركة راعية جديدة لتسويق المباريات. وتقوم شركة "أكسيم" بتنظيم دخول الجماهير. وتحاول الشركة جذب الجماهير من خلال دعوة فرقة مشهورة للغناء قبل وأثناء وبعد المباراة. ولم تنجح المحاولة؛ حيث بدت المدرجات خاوية على عادتها.
مشجع نادي المحرق "الشملان" يؤكد أنه يحضر من أجل مشاهدة كرة القدم. ويضيف "لا تغريني الجوائز ولا الحفلات الفنية بقدر ما يقودني الوفاء للوقوف مع فريقي".
وفرضت الشركة الراعية الجديدة رسوما على الدخول لا تتجاوز دينارا بحرينيا (3 دولار أمريكي تقريبا).
رياضة الصالات تتفوقولا تشهد الصالات التي تستضيف الرياضات الأخرى مثل كرة الطائرة، وكرة السلة، وكرة اليد، ما تشهده ملاعب كرة القدم. وتجد بعض الجماهير صعوبة في الحصول على تذاكر لدخول مباريات القمة في هذه الألعاب، فيما تطالب الجماهير بزيادة عدد المقاعد في الصالات التي تسع أكبرها إلى 1500 مشجع تقريبا.
ولا تتفوق شعبية الرياضات الجماعية على كرة القدم بطبيعة الحال، لأن استاد البحرين يمتلئ عن آخره في لقاءات المنتخب المحلي الحاسمة.
وخلال استضافة منتخب البحرين لترينيداد وتوباجو ضمن تصفيات التأهل لمونديال 2006، لم تجد بعض الجماهير مكانا لها بعد امتلاء المدرجات وإغلاق الأبواب الخارجية، في حضور يعتبر الأضخم في تاريخ الكرة البحرينية.
ويعتقد مختصون أن احتراف خيرة اللاعبين البحرينيين في الدوري السعودي والقطري والكويتي أثر بشكل كبير على مستوى المنافسة في الأندية، لكن الصحافي "هيات" يستبعد هذا الأمر قائلا، إن الأندية تأتي بـ"بلاعبين محترفين أقل مستوى ولكنهم يسدون النقص".
ويصر عزيز أمين في حديثه مع "العربية نت" على أن دعم الأندية واستقرارها الفني والإداري سيكون خطوة في الاتجاه الصحيح نحو عودة الجماهير إلى المدرجات.
وإلى حين تحرك الدولة والأندية لإنقاذ الملاعب، سيبقى ارتداد الصدى مسموعا، وقد يزعج الحشرات التي تعيش في مختلف زوايا المدرجات.